تحولات السرد الرقمي-كتبها آن فوكلير / ترجمة عبده حقــــي (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

تحولات السرد الرقمي

  عبده حقــــي    

لنتساءل بداية حول بنية السرد الرقمي هاته، فماذا أصبحنا نرى اليوم!؟ تشظي.. أزمة الوحدة.. إهمال
أو بالأحرى ازدراء لبعض القواعد التي كنا نعتقد بثباتها سابقا؛ كل هذا يجعلنا نشعر بمرارة بأن فعل الحكي Raconter لم يعد يسيرا أو ممكنا.

فمنذ بداية القرن العشرين تمت إعادة طرح الأسئلة حول العديد من البنى: الزمن.. دور الهوية الشخصية.. أهمية المرئيات.. أدوات الحبكة السردية كما يقول بول ريكور.
إن إدراكنا هذا للتاريخ ورؤيتنا الجديدة له صار يجد أيضا ملائمة في طريقة الحكي لدينا. ومن دون شك
فإن أنماط السرد اليوم صارت تفصح عن طريقة أخرى لرؤية وفهم العالم.. إنها أنماط سردية قد تمت
خلخلتها عبر تدفق وثائق الأرشيفات وإمكانيات تخزين كل شئ وعدم ترك أي معلومة لصدفة النسيان ــ الحضور المتعدد لمصادر المعلومات والإرساليات البصرية ــ الكتابة والصور.

إن ما نراه مثلا في أعمال (ديدي أوبيرمان) يختلط في نظرنا بما يهمنا من جهة العمل الرقمي: طريقة الأرشفة أو النسخ / التلصيق copier-coller أو الشهادات الحية، كل هذا يؤكد لنا إلى أي حد يطمح
الكاتب اليوم إلى أن يكون مرآة تاريخية أكثر من كونه مبدعا أدبيا بالدرجة الأولى، بمعنى إنه يردم الحدود الهشة التي توجد بين مختلف أشكال السرد والمعلومات: وثائقيات، أعمال خيالية، جرائد، إشهار، مسرح، روايات، شهادات.. الخ

هكذا بتنا نرى أن الزمن قد تقلص، وصرنا نستثمر سرودا من الماضي ونقحمها في الحاضر من دون أن
نضع فروقا بينها، هناك خلل ما إذن، ثغرة.. آلة نقدية.. نظرية التاريخ؟ فالمعلومة تحضر في يومنا بدرجة تغير شيئا فشيئا من وظيفة الحكي، وما يهمنا من خلالها هو العمل وما نراه في العمل.
فهذا الفعل ــ الحكي ــ لم يعد في الهامش بل صار في عمق الحدث، في المدينة، في الميترو في الباصات على اللوحات الإشهارية ... الخ .

إن ما يهمنا في العمل الرقمي يتأسس على ما نراه: محاولة إعادة التفكير وإعادة كتابة التاريخ؛ فطريقة
(نسخ / تلصيق ) Copier/coller، والنشوء الممنهج للشاهد عيان، شيئا كان أم حكيا يمكن أن يفسر كفعل يبادر من أجل إعادة صياغة التاريخ وإعادة تنظيمه كما لو أنه لدينا القدرة على تغيير ما تم تحقيقه بالثورة المعرفية وأيضا تغيير كل ما أسهم كثيرا في تشكيل شخصياتنا ...
هناك نية واستعداد إذن لإعادة ترتيب ما سلف بناؤه من طرف الإنسانية: إسراف في إنتاج الأفلام والوثائقيات بأقل رؤية إبداعية خيالية تحاول أن تعطينا رؤية حول قبولنا النسبي بها.

وإجمالا نلاحظ أن هناك في الكتابات الجديدة اليوم خاصيتين واضحتين: فمن جهة اضطراب على مستوى
الشكل الذي يتزيى به السرد والحبكة، ومن جهة أخرى هناك محاولة من أجل إعادة كتابة الحكاية باستثمار الأرشيفات التي لم يسبق للكثيرين اقتحام مخازنها المرصودة.



وأخيرا كما بدأنا بتساؤل نطرح تساؤلا أخيرا ألم تسهم هذه الثورة في السرد الرقمي في تعطيل آلة النقد أمام آليات لا تنتمي للحكاية ولا للخيال ثم أليس الحقل الإبداعي الرقمي في حاجة إلى نظريـــة نقديـــة
رقمية جديدة!!؟



 
  كتبها آن فوكلير / ترجمة عبده حقــــي (المغرب) (2008-07-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تحولات السرد الرقمي-كتبها آن فوكلير / ترجمة عبده حقــــي (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia